عقيدة أهل التصوف
بعض أعداء الصوفية المعاصرين يتهمونهم بان لهم عقائد مخالفة لعقائد
المسلمين أهل السنة والجماعة، وهذه عقائد الصوفية ومعتقداتهم كما بينها
الصوفي الكبير الشيخ عبد الوهاب الشعراني في كتابه (الأنوار القدسية في
معرفة قواعد الصوفية) الطبعة الثانية ـ دار جوامع الكلم ـ الدراسة ـ
القاهرة
[color=green]ومنها يتبين أنها مطابقة تماماً لمعتقد أهل السنة والجماعة الموافقة
للكتاب والسنة وعقيدة السلف الصالح رضوان الله تعالى عليهم.
عقائد القوم وبيان موافقتها لعقائد أهل السنة والجماعة
" اعلم يا أخي أن القوم اجمعوا على أن الله تعالى إله واحد لا ثاني له،
منزه عن الصاحبة والوالد، مالك الملك لا شريك له، صانعه لا مدبر معه،
موجود بذاته من غير افتقار إلى موجد يوجده، بل كل موجود مفتقر إليه في
وجوده، فالعالم كله موجود به، وهو تعالى موجود بذاته،لا افتتاح لوجوده،
ولا نهاية لبقائه، بل وجوده مطلق مستمر، قائم بنفسه، ليس بجوهر فيقدر له
المكان ولا بعرض فيستحيل عليه البقاء، ولا بجسم فتكون له الجهة والتلقاء،
مقدس عن الجهة والأقطار مرئي بالقلوب والأبصار، استوى تعالى على عرشه كما
قال، وعلي المعنى الذي أراده كما أن العرش وما حواه به استوى، له الآخرة
والأولي، ليس له مثل معقول ولا دلت عليه العقول، لا يجده زمان، ولا يقله
مكان، وهو الآن على ما عليه كان خلق المتمكن والمكان، وأنشأ الزمان، وقال
أنا الواحد الحي الذي لا يؤوده حفظ المخلوقات ولا ترجع إلية صفة لم يكن
عليها ولا تلحقه صفة من صفات المصنوعات، تعالي أن تحله الحوادث أو يحلها،
أو تكون قبله أو يكون قبلها، بل يقال كان ولا شئ معه، لأن القبل والبعد من
صيغ الزمان الذي أبدعه، فلا نطلق عليه تعالي ما لم يطلقه علي نفسه فإنه
أطلق علي نفسه : الأول والآخر لا القبل والبعد .فهو القيوم الذي لا ينام،
والقهار الذي لا يرام ليس كمثله شئ وهو السميع البصير، خلق العرش وجعله حد
الاستواء .أنشأ الكرسي وأوسعه الأرض والسماء، اخترع اللوح والقلم الأعلى،
وأجراه كاتباً في خلقه إلى يوم الفصل والقضاء .أبدع العالم على غير مثال
سابق وخلق الخلق، وأخلق ما خلق
أنزل الأرواح إلى الأشباح أمنا، وجعل هذه الأشباح المنزلة
إليها الأرواح في الأرض خلقا، وسخر لها ما في السموات وما في الأرض جميعاً
منه، فلا تتحرك ذرة إلا عنه، خلق الكل من غير حاجة إليهم له، ولا موجب
أوجب ذلك عليه، لكن علمه بذلك سبق، فلا بد أن يخلق ما خلق .فهو هُوَ
الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ
عَلِيمٌ، أحاط بكل شئ علما، وأحصى كل شئ عدداً، يعلم السر وأخفى، يعلم
خائنة الأعين وما تخفي الصدور كيف لا يعلم شيئا خلقه؟، أَلَا يَعْلَمُ
مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ.
علم الأشياء قبل وجودها ثم أوجدها على حد ما علمها، فلم يزل
عالما بالأشياء لم يتجدد له علم عند تجرد الأشياء، أتقن الأشياء وأحكمها
بعلمه، يعلم الكليات والجزئيات على الإطلاق، فهو عالم الغيب والشهادة
فتعالي عما يشركون، فعال لما يريد فهو مريد للكائنات في عالم الأرض
والسموات، لم تتعلق قدرته تعالى بإيجاد شئ حتى أراده، كما أنه سبحانه ما
أوجده حتى علمه، إذ يستحيل أن يريد سبحانه وتعالى ما لم يعلم، أو يفعل
المختار من ذلك الفعل ما لا يريده، كما يستحيل أن توجد هذه الحقائق من غير
حي، كما يستحيل أن تقوم الصفات بغير ذات موصوفة بها .
فما في الوجود طاعة ولا عصيان، ولا ربح ولا خسران، ولا عبد
ولا حر، ولا برد ولا حر، ولا حياة ولا موت، ولا حصول ولا فوت، ولا نهار
ولا ليل، ولا اعتدال ولا ميل، ولا بر ولا بحر، ولا شفع ولا وتر، ولا جوهر
ولا عرض، ولا صحة ولا مرض، ولا فرح ولا ترح، ولا روح ولا شبح، ولا ظلمه
ولا ضياء، ولا أرض ولا سماء، ولا تركيب ولا تحليل، ولا كثير ولا قليل ولا
غداة ولا أصيل، ولا بياض ولا سواد، ولا سهاد ولا رقاد، ولا ظاهر ولا باطن،
ولا متحرك ولا ساكن، ولا رطب ولا يابس، ولا قشر ولا لب، ولا شئ من جميع
المتضادات المختلفة والمتماثلات، إلا وهو مراد للحق تعالى، وكيف لا يكون
مراداً له وهو أو جده ؟ .فكيف يوجد المختار ما لا يريد ؟ .لا راد لأمره،
ولا معقب لحكمه، يؤتي الملك من يشاء وينزع الملك ممن يشاء ويعز من يشاء
ويذل من يشاء ويضل من يشاء، ويهدي من يشاء، ما شاء الله كان، وما لم يشأ
لم يكن .
لو اجتمع الخلائق كلهم على أن يريدوا شيئاً لم يرد الله عز و
جل لهم أن يريدوه ما أرادوه، أو أن يفعلوا شيئاً لم يرد الله إيجاده
وأرادوا ما فعلوه ولا استطاعوا ولا أقدرهم عليه، فالكفر والإيمان والطاعة
والعصيان من مشيئته وحكمته وإرادته، ولم يزل سبحانه وتعالى موصوفاً بهذه
الإرادة أزلاً والعالم معدوم، ثم أوجد العالم من غير تفكر ولا تدبر، بل
أوجده عن العلم السابق، وتعيين الإرادة المنزهة الأزلية القاضية على
العالم بما أوجدته عليه من زمان ومكان وأكوان وألوان فلا مريد في الوجود
على الحقيقة سواه إذ هو القائل سبحانه : وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ
يَشَاءَ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا.
وأنه تعالى كما علم ما خلق، وأراد فخص، وقدر فأوجد، كذلك سمع
ورأى ما تحرك وسكن، ونطق في الورى، من العالم الأسفل والأعلى ولا يحجب
سمعه البعد، فهو القريب، ولا يحد بصره القرب، فهو البعيد، يسمع كلام النفس
في النفس، وصوت المماسة الخفية عند اللمس، يرى السواد في الظلماء والماء
في الماء، لا يحجبه الامتزاج، ولا الظلمات، ولا النور وهو السميع البصير .
تكلم سبحانه، لا عن صمت متقدم ولا سكوت متوهم، بكلام قديم
ازلي كسائر صفاته من علمه وإرادته وقدرته، كلم به موسى عليه الصلاة
والسلام، سماه التنزيل والزبور والتوراة والإنجيل والقرآن، من غير تشبيه
ولا تكييف، إذ كلامه تعالى بغير لهاة ولا لسان كما ان سمعه من غير أصمخة
ولا آذان، كما أن بصره من غير أعين ولا أجفان، كمت أن إرادته من غير قلب
ولا جنان، كما أن علمه من غير أضطرار ولا نظر في برهان كما أن حياته من
غير بخار تجويف قلب حدث عن امتزاج الاركان كما أن ذاته لا تقبل الزيادة
ولا النقصان.
فسبحانه سبحانه من بعيد دان، عظيم السلطان عميم الإحسان جسيم
المتنان، كل ما سواه فهو عن وجود فائض، وفضله وعدله الباسط والقابض، أكمل
صنع العالم وابدعه حين أوجده واخترعه، لا شريك له في ملكه ولا مدبر معه
فيه إن أنعم فنعم العبد فذلك فضله، وإن أبلى فعذب فذلك عدله لم يتصرف في
ملك غيره فينسب إلى الجور والحيف، ولا يتوجه عليه من سواه حكم فيتصف
بالجبر لذلك والخوف، كل ما سواه فهو تحت سلطان قهره ومتصرف عن إرادته
وامره، فهو الملهم نفوس المكلفين للتقوى والفجور ] أي لتعمل بالتقوى
وتجتنب الفجور أو تقوم عليها الحجة بالعلم بما تفعل
الإثنين يوليو 18, 2011 4:11 pm من طرف Admin
» أحسنت فأجدت
الجمعة يونيو 10, 2011 9:51 pm من طرف محمد علي بدوي1
» مطلوب مجموعة لتعبئة منتديات بالمواضيع المفيدة
الأربعاء مايو 18, 2011 7:38 pm من طرف abd
» أريد مبدعين ؟؟؟
الأربعاء مايو 18, 2011 7:36 pm من طرف abd
» أمر هام؟؟؟!!!!
الأربعاء مايو 18, 2011 7:34 pm من طرف abd
» فرصة عمل من المنزل على الإنترنت للقاهريين؟!!
الأربعاء مايو 18, 2011 7:29 pm من طرف abd
» مطلوب لشركة سعودية
الأربعاء مايو 18, 2011 7:23 pm من طرف abd
» تفسير رؤيا
الإثنين مايو 16, 2011 10:36 pm من طرف زين محمود
» رحبوا بأخينا محمد زهوة
الأحد أبريل 17, 2011 5:18 pm من طرف المتميز