الإنفاق الأسري بعيداً عن الإسراف
الأسرة مؤسّسة اجتماعية من أهم وأخطر المؤسّسات الإجتماعية وأكثرها
تأثيراً في الحياة البشرية، فهي المصنع المسؤول عن بناء الإنسان، وصلاحها
صلاح للمجتمع، وفسادها فساد له. لذا شرّع لها الإسلام القوانين والأحكام
والأخلاق والوصايا والتعاليم، لترسيخها وتنميتها، والحفاظ على سلامة
بنائها أو أدائها الوظيفي في المجتمع..
تشترك عناصر عديدة في بناء الأسرة وتطوّرها واستقامة وضعها واستقرارها،
أبرز هذه العناصر: عنصر القانون والنظام، المال والاقتصاد، العواطف
والمشاعر، الأخلاق والأوضاع النفسية السائدة فيها، ونمط الثقافة والتربية
والتكنولوجيا المستخدمة في حياة الأسرة..
كلّ هذه العناصر تؤثِّر في بنائها الداخلي إضافة إلى تأثير الظروف المحيطة
بها: كالمجتمع والدولة والإعلام والتحوّلات البشرية في العالم الخارجي..
ويُشكِّل العامل الاقتصادي ودخل الأسرة ركناً أساسياً في بناء الأسرة
وتطويرها وإصلاحها، وتفادي الكثير من المشاكل.. ويأتي الإنفاق وتنظيم
الميزانية في الدرجة الثانية بعد موارد الأسرة ودخلها..
إنّ تنظيم ميزانية الأسرة (المورد المالي والنفقة والتوفير) أمر ضروري
لتنظيم وضعها بشكله العام، بل يؤثِّر هذا التنظيم سلباً وإيجاباً على وضع
الاقتصاد العام للدولة والمجتمع.. والإسراف والتبذير أو التقتير، أو
العفوية والارتجال في الصّرف، أو الإتِّكالية وعدم البحث عن مصادر كافية
للرِّزق ولسدِّ احتياج الأسرة.. كل هذه الأسباب تعود إلى اقتصاد الأسرة
بالسلبية والتدهور والفقر والحاجة.. وبالتالي تتأثّر مقوّمات الحياة
الأسرية جميعها.
وبسبب تدهور اقتصاد الأسرة، تنشأ المشاكل والخلافات الأسرية بين الزوج
والزوجة أو الأب والأبناء، بسبب الحاجة والبطالة وضيق النّفقة، ومنها
تشرّد الأبناء، وربّما سقوط البعض منهم في الانحراف الأخلاقي والسلوكي؛
كالتسوّل والسّرقة والإحتيال وممارسة الفاحشة… إلخ.. ومن ثمّ الجريمة
والسجون والعذاب.. ومنها التخلّف الدراسي والتعليمي والصحي للأبناء..
الأسس العلمية التي تُنظِّم اقتصاد الأسرة هي:
1- العمل والكسب والإنتاج وتحصيل المال الكافي لأوضاع الأسرة.
2- تنظيم النّفقة.
3- الإدِّخار والاحتياط للمحتملات.
أوّلاً، لابدّ من أن يعمل كل قادر على
العمل في الأسرة، فلا يكتفي الأبناء بعمل الأب، حتى الزوجة التي بإمكانها
أن تعمل عملاً مناسباً، وبالتوافق مع زوجها.
فالقيم الإسلامية تعتبر التوسعة على العيال أفضل من الصّدقة، وتعتبر الكسب
وطلب الرِّزق جهاداً وعبادة.. جاء في الحديث النبوي الشريف: “التوسعة على
العيال أفضل من الصّدقة”.
المشاكل الخطيرة التي تواجه الإنفاق:
1- عدم الاهتمام بتوفير حوائج الأسرة:
الدراسة الميدانية تؤكِّد ظاهرة الاتكالية والبطالة، وعدم المبالاة بالكسب
والعمل. فنجد نسبة عالية من الأزواج والآباء والأبناء القادرين على العمل
يعيشون حالة البطالة أو يكتفون بأقلِّ الموارد التي تسدّ حاجة أسرتهم، أو
يتّكلون على مساعدات خارجية، ممّا يجعل الأسرة في ضيق معاشي وظروف نفسية
ومعنوية مادية صعبة، فتتحوّل إلى بؤرة مشاكل وخلافات، أو تُعرّض للإنحلال
والطلاق، أو تشرّد الأبناء، أو حتّى السقوط الأخلاقي في الكثير من
الحالات..
لذا جاء في الحديث النّبوي الشريف: “الكادٌ على عياله كالمجاهد في سبيل الله”.
2- الإسـراف والـتبذيـر: سواء
من الآباء أو الزوجات أو الأبناء.. فالأسرة التي لا تنظِّم نفقاتها بشكل
متوازن مع دخلها تضع نفسها في أزمات اقتصادية، كالديون أو بيع بعض
الممتلكات والمدخرات الضرورية، أو مواجهة الحاجة والضِّيق. ويأتي الإسراف
والتبذير من الآباء أحياناً الذين يحسنون التصرّف بالمال، أو من الزوجات
المسرفات والمبذِّرات، أو من الأبناء العابثين..
والإسلام إذ يُحرِّم الإسراف والتبذير
ويدعو إلى الإعتدال والتوازن في النّفقة، إنّما يريد حماية الأسرة
والمجتمع من الفقر والحاجة.، جاء في الحديث النبوي الشريف: “ما عال مَنِ اقتصد”.
وقال تعالى: (وَلا
تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلا تَبْسُطْهَا كُلَّ
الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا * إِنَّ رَبَّكَ يَبْسُطُ
الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيرًا
بَصِيرًا) (الإسراء/ 29-30)
(إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا) (الإسراء/ 27)
وقال سبحانه مادحاً الإنفاق المتوازن، واعتبره صفة لعباد الرّحمن، قال: (وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا) (الفرقان/ 67)
الأسرة بحاجة إلى توعية وتثقيف على
الاعتدال في النّفقة، وترك الإسراف والتبذير في المأكل والملبس والسفر
والسياحة والأناقة والأثاث… إلخ. الذي يعود إلى التظاهر والتنافس للفات
النظر، والتفوّق على الآخرين، ويُحقِّق المكانة المرموقة في المجتمع (في
رأي البعض)..
ويصدر الإسراف والتبذير أحياناً من الجهل وعدم توفر الوعي الإنفاقي، وعدم
معرفة قيمة المال في الحياة، أو من مرض النّهم والبطر والنرجسية.. جاء في
الحديث الشريف: “قوام العيش حُسن التقدير، وملاكه حُسن التدبير”.
3- الشّـحّ والـتقتيـر:
الشّحّ والبُخل مرض نفسي وسلوكية مذمومة، فيمكن أن يكون الزوج بخيلاً
وشحيحاً ومقتراً على أسرته وأبنائه إلى حدِّ الحرمان أو عدم إشباع الحاجة،
أو تكون الأُم شحيحة بخيلة في الإنفاق على الأبناء، عندما تكون هي
المتولِّية للصّرف والنّفقة..
إنّ الحرمان وضيق النّفقة مع إمكان التوسّع وتغطية الحاجة، له إنعكاساته
السلبية على نفسية أفراد الأسرة: الزوجة أو الأبناء أو الوالدين والأرحام،
فهم يشعرون بالظلم والحرمان والتقتير، مما يدفع البعض منهم للشعور بالنقص
تجاه الآخرين، ونشوء ظاهرة الحسد لسواه والكراهية للآخرين، والاتّجاه إلى الطلب من الأقارب والجيران والأصدقاء، ممّا يذلّهم ويضعف مكانتهم،
وربّما اللجوء إلى السرقة والاحتيال للحصول على المال، وربّما السقوط
الأخلاقي وارتكاب الجريمة عندما لا يكون هناك وازع ديني أو إجتماعي يمنع،
كما يدعو الحرمان إلى كراهية الزوجة أو الأبناء للزوج أو الآباء أو
الأخوة..
لذا نجد القرآن الكريم يدعو إلى الإنفاق والإحسان، ويستنكر ويُحذِّر من الشح والبُخل والتقتير، قال تعالى: (وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) (الحشر/ 9)
(لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ
رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ لا يُكَلِّفُ اللَّهُ
نَفْسًا إِلا مَا آتَاهَا سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا) (الطلاق/ 7)
وقال (ص) في معرض حثِّه على النفقة والبذل: “إبدأ بمن تعول”. وأيضاً: “أهلك أحق ببرِّك”. و: “إنّ أحسن الناس عيشاً مَنْ حسُن عيش الناس في عيشه”.
4- الإنفاق المحرّم:
من أخطر ما تواجهه الأسرة في حياتها الاقتصادية، هو إنفاق الآباء أو
الأبناء موارد الأسرة في اقتراف المحرّمات: كشرب الخمر والقمار والمخدّرات
وارتكاب الفواحش، أو في وسائل اللّهو والعبث المحرّم..
ومن الإنفاق الضّار باقتصاد الأسرة هو التدخين.. فالتدخين بالإضافة إلى الضرر الصحِّي
الناتج عنه، فإنّه يستهلك جزءاً كبيراً من مورد المدخِّنين الذي يضرّ بنفقات الأسرة..
5- عدم التحسّب للمستقبل (انعدام التوفير): معظم الأسر تُنفق ما يرد إليها دون أن تُفكِّر في المستقبل واحتمالاته..
بإمكان معظم أصحاب الموارد أن يوفِّر جزءاً من مورده لاحتياطات المستقبل،
كالمرض والشيخوخة والحوادث والطوارئ، ويمكن أن يكون رأسمال عمل أو مشروع إنتاجي
وإن كان صغيراً.. التوفير في المصارف الإسلامية أفضل من ادِّخار المال في
البيوت، فذلك يوفِّر الحفظ والإطمئنان، وثانياً: يُساهم في تحريك عجلة
الاقتصاد والإنتاج في البلاد..
من الضروري أن تدرس كل أسرة وضعها الاقتصادي، وتضع خطّة إنفاق متوازنة،
تحسب فيها الحاضر والمستقبل، وأن تقدِّم الجانب الإنساني والأخلاقي فيها
على الجانب المادي..
وأخيراً إنّ الجشع والهلع والتكالب على المكاسب المادية، وغياب القناعة، هي السبب في الصراع والنزاع، والحسد والإنتقام، بل وفي إذلال النفس وإسقاطها، وارتكاب المحرّم والقلق، وفقدان الإستقرار والراحة النفسية.
———————————————————————————————–
الأسرة مؤسّسة اجتماعية من أهم وأخطر المؤسّسات الإجتماعية وأكثرها
تأثيراً في الحياة البشرية، فهي المصنع المسؤول عن بناء الإنسان، وصلاحها
صلاح للمجتمع، وفسادها فساد له. لذا شرّع لها الإسلام القوانين والأحكام
والأخلاق والوصايا والتعاليم، لترسيخها وتنميتها، والحفاظ على سلامة
بنائها أو أدائها الوظيفي في المجتمع..
تشترك عناصر عديدة في بناء الأسرة وتطوّرها واستقامة وضعها واستقرارها،
أبرز هذه العناصر: عنصر القانون والنظام، المال والاقتصاد، العواطف
والمشاعر، الأخلاق والأوضاع النفسية السائدة فيها، ونمط الثقافة والتربية
والتكنولوجيا المستخدمة في حياة الأسرة..
كلّ هذه العناصر تؤثِّر في بنائها الداخلي إضافة إلى تأثير الظروف المحيطة
بها: كالمجتمع والدولة والإعلام والتحوّلات البشرية في العالم الخارجي..
ويُشكِّل العامل الاقتصادي ودخل الأسرة ركناً أساسياً في بناء الأسرة
وتطويرها وإصلاحها، وتفادي الكثير من المشاكل.. ويأتي الإنفاق وتنظيم
الميزانية في الدرجة الثانية بعد موارد الأسرة ودخلها..
إنّ تنظيم ميزانية الأسرة (المورد المالي والنفقة والتوفير) أمر ضروري
لتنظيم وضعها بشكله العام، بل يؤثِّر هذا التنظيم سلباً وإيجاباً على وضع
الاقتصاد العام للدولة والمجتمع.. والإسراف والتبذير أو التقتير، أو
العفوية والارتجال في الصّرف، أو الإتِّكالية وعدم البحث عن مصادر كافية
للرِّزق ولسدِّ احتياج الأسرة.. كل هذه الأسباب تعود إلى اقتصاد الأسرة
بالسلبية والتدهور والفقر والحاجة.. وبالتالي تتأثّر مقوّمات الحياة
الأسرية جميعها.
وبسبب تدهور اقتصاد الأسرة، تنشأ المشاكل والخلافات الأسرية بين الزوج
والزوجة أو الأب والأبناء، بسبب الحاجة والبطالة وضيق النّفقة، ومنها
تشرّد الأبناء، وربّما سقوط البعض منهم في الانحراف الأخلاقي والسلوكي؛
كالتسوّل والسّرقة والإحتيال وممارسة الفاحشة… إلخ.. ومن ثمّ الجريمة
والسجون والعذاب.. ومنها التخلّف الدراسي والتعليمي والصحي للأبناء..
الأسس العلمية التي تُنظِّم اقتصاد الأسرة هي:
1- العمل والكسب والإنتاج وتحصيل المال الكافي لأوضاع الأسرة.
2- تنظيم النّفقة.
3- الإدِّخار والاحتياط للمحتملات.
أوّلاً، لابدّ من أن يعمل كل قادر على
العمل في الأسرة، فلا يكتفي الأبناء بعمل الأب، حتى الزوجة التي بإمكانها
أن تعمل عملاً مناسباً، وبالتوافق مع زوجها.
فالقيم الإسلامية تعتبر التوسعة على العيال أفضل من الصّدقة، وتعتبر الكسب
وطلب الرِّزق جهاداً وعبادة.. جاء في الحديث النبوي الشريف: “التوسعة على
العيال أفضل من الصّدقة”.
المشاكل الخطيرة التي تواجه الإنفاق:
1- عدم الاهتمام بتوفير حوائج الأسرة:
الدراسة الميدانية تؤكِّد ظاهرة الاتكالية والبطالة، وعدم المبالاة بالكسب
والعمل. فنجد نسبة عالية من الأزواج والآباء والأبناء القادرين على العمل
يعيشون حالة البطالة أو يكتفون بأقلِّ الموارد التي تسدّ حاجة أسرتهم، أو
يتّكلون على مساعدات خارجية، ممّا يجعل الأسرة في ضيق معاشي وظروف نفسية
ومعنوية مادية صعبة، فتتحوّل إلى بؤرة مشاكل وخلافات، أو تُعرّض للإنحلال
والطلاق، أو تشرّد الأبناء، أو حتّى السقوط الأخلاقي في الكثير من
الحالات..
لذا جاء في الحديث النّبوي الشريف: “الكادٌ على عياله كالمجاهد في سبيل الله”.
2- الإسـراف والـتبذيـر: سواء
من الآباء أو الزوجات أو الأبناء.. فالأسرة التي لا تنظِّم نفقاتها بشكل
متوازن مع دخلها تضع نفسها في أزمات اقتصادية، كالديون أو بيع بعض
الممتلكات والمدخرات الضرورية، أو مواجهة الحاجة والضِّيق. ويأتي الإسراف
والتبذير من الآباء أحياناً الذين يحسنون التصرّف بالمال، أو من الزوجات
المسرفات والمبذِّرات، أو من الأبناء العابثين..
والإسلام إذ يُحرِّم الإسراف والتبذير
ويدعو إلى الإعتدال والتوازن في النّفقة، إنّما يريد حماية الأسرة
والمجتمع من الفقر والحاجة.، جاء في الحديث النبوي الشريف: “ما عال مَنِ اقتصد”.
وقال تعالى: (وَلا
تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلا تَبْسُطْهَا كُلَّ
الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا * إِنَّ رَبَّكَ يَبْسُطُ
الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيرًا
بَصِيرًا) (الإسراء/ 29-30)
(إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا) (الإسراء/ 27)
وقال سبحانه مادحاً الإنفاق المتوازن، واعتبره صفة لعباد الرّحمن، قال: (وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا) (الفرقان/ 67)
الأسرة بحاجة إلى توعية وتثقيف على
الاعتدال في النّفقة، وترك الإسراف والتبذير في المأكل والملبس والسفر
والسياحة والأناقة والأثاث… إلخ. الذي يعود إلى التظاهر والتنافس للفات
النظر، والتفوّق على الآخرين، ويُحقِّق المكانة المرموقة في المجتمع (في
رأي البعض)..
ويصدر الإسراف والتبذير أحياناً من الجهل وعدم توفر الوعي الإنفاقي، وعدم
معرفة قيمة المال في الحياة، أو من مرض النّهم والبطر والنرجسية.. جاء في
الحديث الشريف: “قوام العيش حُسن التقدير، وملاكه حُسن التدبير”.
3- الشّـحّ والـتقتيـر:
الشّحّ والبُخل مرض نفسي وسلوكية مذمومة، فيمكن أن يكون الزوج بخيلاً
وشحيحاً ومقتراً على أسرته وأبنائه إلى حدِّ الحرمان أو عدم إشباع الحاجة،
أو تكون الأُم شحيحة بخيلة في الإنفاق على الأبناء، عندما تكون هي
المتولِّية للصّرف والنّفقة..
إنّ الحرمان وضيق النّفقة مع إمكان التوسّع وتغطية الحاجة، له إنعكاساته
السلبية على نفسية أفراد الأسرة: الزوجة أو الأبناء أو الوالدين والأرحام،
فهم يشعرون بالظلم والحرمان والتقتير، مما يدفع البعض منهم للشعور بالنقص
تجاه الآخرين، ونشوء ظاهرة الحسد لسواه والكراهية للآخرين، والاتّجاه إلى الطلب من الأقارب والجيران والأصدقاء، ممّا يذلّهم ويضعف مكانتهم،
وربّما اللجوء إلى السرقة والاحتيال للحصول على المال، وربّما السقوط
الأخلاقي وارتكاب الجريمة عندما لا يكون هناك وازع ديني أو إجتماعي يمنع،
كما يدعو الحرمان إلى كراهية الزوجة أو الأبناء للزوج أو الآباء أو
الأخوة..
لذا نجد القرآن الكريم يدعو إلى الإنفاق والإحسان، ويستنكر ويُحذِّر من الشح والبُخل والتقتير، قال تعالى: (وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) (الحشر/ 9)
(لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ
رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ لا يُكَلِّفُ اللَّهُ
نَفْسًا إِلا مَا آتَاهَا سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا) (الطلاق/ 7)
وقال (ص) في معرض حثِّه على النفقة والبذل: “إبدأ بمن تعول”. وأيضاً: “أهلك أحق ببرِّك”. و: “إنّ أحسن الناس عيشاً مَنْ حسُن عيش الناس في عيشه”.
4- الإنفاق المحرّم:
من أخطر ما تواجهه الأسرة في حياتها الاقتصادية، هو إنفاق الآباء أو
الأبناء موارد الأسرة في اقتراف المحرّمات: كشرب الخمر والقمار والمخدّرات
وارتكاب الفواحش، أو في وسائل اللّهو والعبث المحرّم..
ومن الإنفاق الضّار باقتصاد الأسرة هو التدخين.. فالتدخين بالإضافة إلى الضرر الصحِّي
الناتج عنه، فإنّه يستهلك جزءاً كبيراً من مورد المدخِّنين الذي يضرّ بنفقات الأسرة..
5- عدم التحسّب للمستقبل (انعدام التوفير): معظم الأسر تُنفق ما يرد إليها دون أن تُفكِّر في المستقبل واحتمالاته..
بإمكان معظم أصحاب الموارد أن يوفِّر جزءاً من مورده لاحتياطات المستقبل،
كالمرض والشيخوخة والحوادث والطوارئ، ويمكن أن يكون رأسمال عمل أو مشروع إنتاجي
وإن كان صغيراً.. التوفير في المصارف الإسلامية أفضل من ادِّخار المال في
البيوت، فذلك يوفِّر الحفظ والإطمئنان، وثانياً: يُساهم في تحريك عجلة
الاقتصاد والإنتاج في البلاد..
من الضروري أن تدرس كل أسرة وضعها الاقتصادي، وتضع خطّة إنفاق متوازنة،
تحسب فيها الحاضر والمستقبل، وأن تقدِّم الجانب الإنساني والأخلاقي فيها
على الجانب المادي..
وأخيراً إنّ الجشع والهلع والتكالب على المكاسب المادية، وغياب القناعة، هي السبب في الصراع والنزاع، والحسد والإنتقام، بل وفي إذلال النفس وإسقاطها، وارتكاب المحرّم والقلق، وفقدان الإستقرار والراحة النفسية.
———————————————————————————————–
الإثنين يوليو 18, 2011 4:11 pm من طرف Admin
» أحسنت فأجدت
الجمعة يونيو 10, 2011 9:51 pm من طرف محمد علي بدوي1
» مطلوب مجموعة لتعبئة منتديات بالمواضيع المفيدة
الأربعاء مايو 18, 2011 7:38 pm من طرف abd
» أريد مبدعين ؟؟؟
الأربعاء مايو 18, 2011 7:36 pm من طرف abd
» أمر هام؟؟؟!!!!
الأربعاء مايو 18, 2011 7:34 pm من طرف abd
» فرصة عمل من المنزل على الإنترنت للقاهريين؟!!
الأربعاء مايو 18, 2011 7:29 pm من طرف abd
» مطلوب لشركة سعودية
الأربعاء مايو 18, 2011 7:23 pm من طرف abd
» تفسير رؤيا
الإثنين مايو 16, 2011 10:36 pm من طرف زين محمود
» رحبوا بأخينا محمد زهوة
الأحد أبريل 17, 2011 5:18 pm من طرف المتميز